• الهند تستعد لتجاوز الصين كأكبر محرك للطلب على النفط بحلول 2024

    30/08/2018

    أسامة سليمان من فيينا

    توقعت شركة "ريستاد" الدولية للطاقة أن تزيد شركات النفط الصخري الأمريكية من الإنفاق هذا العام، مشيرة - في أحدث تقاريرها - إلى أن 33 شركة من شركات إنتاج النفط الصخري الزيتي ستزيد الإنفاق الاستثماري 8 في المائة بقيمة 3.7 مليار دولار.
    من جانبها، حددت شركة وود ماكينزي الدولية لاستشارات الطاقة عدة عوامل لتحقيق الرواج في صناعة النفط الخام خلال السنوات المقبلة وإنجاز أفضل المشروعات بنجاح، تشمل الحفاظ على سعة احتياطية وافرة من خلال سلسلة التوريد، ما يؤدي إلى أداء أفضل وخفض التكاليف، لافتة إلى ضرورة العمل المستمر على تحسين كفاءة الحفر بشكل كبير.
    وأشار تقرير حديث للشركة إلى أن العوامل تشمل تطوير تعاون قطاع الخدمات ومواءمته مع العقود، إضافة إلى تحسين إدارة المشاريع وعلاج مشكلات الانكماش.
    وشدد التقرير على ضرورة تحقيق الانضباط المؤسسي الكبير وتطبيق معايير أكثر صرامة تؤدي إلى زيادة الاهتمام بجودة التنفيذ ومراقبة التكاليف.
    ولفت إلى أهمية علاج مشكلة التحول إلى المشروعات الأصغر مقارنة بالمشاريع الكبرى، التي تمت الموافقة عليها بين عامي 2009 و2014.
    وأوضح التقرير أن صناعة النفط والغاز واجهت في عدة سنوات ماضية صعوبات في تقديم مشاريع كبيرة، لكن الصناعة بدأت ترى بوادر تحسن، مضيفا أنه "على الرغم من هذا التحسن والتطورات الإيجابية، إلا أن هناك مؤشرات على عدم كفاية تنفيذ المشاريع الكبرى".
    وذكر التقرير أن ارتفاع الأسعار يعزز الاستثمارات الجديدة، ولكن لا بدَّ أيضا بالتوازي مع علاج مشكلات ضعف انضباط رأس المال إلى جانب دعم الثقة بالقيام بمشاريع واسعة النطاق بميزانية ذات كفاءة عالية.
    وشدد التقرير على ضرورة الاستمرار في ضبط الإنفاق وإبقاء التكاليف تحت المجهر – مهما تعافت الأسعار – وذلك بالتوازي مع مزيد من الانضباط المؤسسي في فحص المشاريع وتوجيه الإنفاق، مشيرا إلى أن الالتزام بهذه العناصر في الفترة الماضية أدى إلى تحسن الأداء في الصناعة كما تم إنجاز عدد من المشاريع بنجاح.
    وبحسب التقرير فإن صناعة النفط الخام على أعتاب مرحلة جديدة من المشروعات الأكثر تعقيدا مثل مشروعات المياه العميقة في البرازيل والمشروعات البرية في إفريقيا وكازاخستان، وهو ما يتطلب رفع مستوى الكفاءة إلى مستويات متقدمة حتى يتم إنجاز تلك المشروعات بنجاح في ظل ظروف مضطربة ومتقلبة للسوق النفطية.
    إلى ذلك، قال لـ "الاقتصادية"، روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، "إن مخاوف السوق تتأرجح بين العرض والطلب"، مشيرا إلى أن مخاوف الطلب تجيء بسبب الحرب التجارية والقلق من الانكماش الاقتصادي، إلى جانب أزمة تهاوي العملة التركية التي امتدت إلى عديد من الأسواق الناشئة، إضافة إلى تقلص المخزونات الذي دفع إلى نمو الأسعار.
    وأشار شتيهرير إلى أن مخاوف العرض مدفوعة بانهيار المعروض من دول مؤثرة خاصة مع اقتراب موعد تطبيق العقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران في مجال الطاقة في تشرين الثاني (نوفمبر) الذي قاد إلى توجس السوق من احتمال الوصول إلى مراحل الإمدادات غير الكافية، على الرغم من جهود "أوبك" والمستقلين في زيادة الإنتاج وتعويض النقص المتوقع في المعروض النفطي.
    من جانبه، أوضح فتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة "سنام" الإيطالية للطاقة، أن النصف الثاني من العام الحالي سيشهد زيادات إنتاجية مؤثرة من دول خارج "أوبك" وبالتحديد من الولايات المتحدة وكندا والبرازيل، مشيرا إلى أنه بحسب تقديرات "بنك أوف أمريكا ميريل لينش"، فإن هذه الزيادات ستكون مؤثرة في تحجيم صعود الأسعار.
    وأضاف موسازي أن "مشكلات البنية التحتية التي تواجه الإنتاج الصخري الأمريكي لم تحد بشكل واسع من مستويات الإمدادت التي تتزايد على نحو ملحوظ رغم ارتفاع التكلفة واختناقات خطوط الأنابيب".
    من ناحيته، يقول لـ "الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، "إن تعزيز الاستثمارات خاصة طويلة الأجل مطلب عاجل لتأمين مستقبل أفضل للصناعة، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار مشكلة تقادم الحقول والنضوب الطبيعي في الحقول في عديد من الدول الرئيسية المنتجة في "أوبك" وخارجها.
    ويعتقد كروج أن تنشيط الاستثمارات يحتاج إلى ضمانة استقرار وتوازن مستدام في السوق من خلال تطوير التعاون القائم والناجح بين "أوبك" والمستقلين، وزيادة الانفاق الاستثماري المتوازن خاصة في ضوء الآفاق الإيجابية لنمو الطلب خاصة في دول الاستهلاك الرئيسية الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة والصين والهند.
    في سياق متصل، ارتفعت أسعار النفط أمس رغم زيادة مخزونات النفط الأمريكية، في الوقت الذي لاقت فيه الأسعار دعما من انكماش صادرات إيران قبيل عقوبات أمريكية مقررة في تشرين الثاني (نوفمبر).
    وسجلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 76.78 دولار للبرميل بزيادة قدرها 48 سنتا عن التسوية السابقة، أي بمعدل ارتفاع يبلغ 0.60 في المائة، بينما صعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 50 سنتا إلى 69.03 دولار للبرميل، بمعدل ارتفاع يصل إلى 0.73 في المائة.
    وفي الولايات المتحدة، قال معهد النفط الأمريكي "إن مخزونات الخام والبنزين ونواتج التقطير في الولايات المتحدة ارتفعت جميعها في الأسبوع الماضي".
    وزادت مخزونات الخام على غير المتوقع، بينما ارتفعت مخزونات المنتجات بوتيرة دون المتوقعة، وارتفعت مخزونات الخام بواقع 38 ألف برميل في الأسبوع المنتهي في 24 آب (أغسطس) لتصل إلى 405.7 مليون برميل، بينما توقع المحللون تراجعها 686 ألف برميل.
    وقال معهد النفط "إن مخزونات الخام في نقطة التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما زادت 130 ألف برميل".
    وبحسب أرقام المعهد، انخفض استهلاك الخام في مصافي التكرير 343 ألف برميل يوميا، وزادت مخزونات البنزين 21 ألف برميل، بينما توقع محللون في استطلاع ارتفاعها 370 ألف برميل.
    وارتفعت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، بمقدار 982 ألف برميل مقارنة بتوقعات بأن تزيد 1.6 مليون برميل، وفقا لبيانات معهد النفط.
    وانخفضت واردات الولايات المتحدة من الخام خمسة آلاف برميل يوميا الأسبوع الماضي إلى 8.4 مليون برميل يوميا.
    وعلى الرغم من زيادة المخزونات الأمريكية، يؤكد المتعاملون أن أسعار الخام تتلقى دعما جيدا إلى حد ما من فرض واشنطن عقوبات على طهران ستبدأ في استهداف قطاع النفط اعتبارا من تشرين الثاني (نوفمبر).
    تتوقع شركة الأبحاث والاستشارات "وود ماكينزي" أن الهند تستعد لتجاوز الصين كأكبر محرك لنمو الطلب على النفط بحلول عام 2024.
    وأوضح تقرير الشركة أن طلب الهند على النفط من المقرر أن يرتفع بمقدار 3.5 مليار برميل يوميًا من 2017 حتى 2035، وهو ما سيمثل ثلث نمو الطلب العالمي على الخام، بدعم من توسع الطبقة المتوسطة في الدولة وزيادة الحاجة إلى التنقل.
    أما الصين فقد تحتاج قريبًا إلى نفط أقل، ففي عام 2017 تجاوزت الولايات المتحدة كأكبر مستورد للخام، وقال سوشانت جوبتا مدير الأبحاث لدى "وود ماكينزي"، "إن الصين تستعد لمواجهة انخفاض في نمو الطلب على النفط من عام 2024 إلى 2035".
    وأوضح جوبتا أن ذلك ناتج عن اتجاهين هما، إحلال مصادر الطاقة البديلة مثل الكهرباء والغاز الطبيعي محل الحاجة إلى البنزين والديزل، كما أن نظام الشحن الأكثر كفاءة وأسطول الشاحنات سيؤدي أيضًا إلى ضعف الطلب على الوقود.​

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية